ظلت صورة النخيل عالقة بذهني منذ الطفولة، لا اعلم متى احببت النخيل ولا كيف كل ما اتذكره انني وجدت نفسي احبه، ككل الاشياء التي يفرضها قلبي علي، عند رحيل جدتي علمت ان لن اراه ثانية وتمنيت لو لا اراه ابدا رغم حبي لعلمي اني لن اراه الا في وداع وانا لا طاقة لي بوداع.. أمس رأيت النخيل
وتذكرت كم خوفني اللقاء، وكم هربت من ان يكون وكم تمنيت ان اراه في مناماتي ولا اراه كأمس
أمس اول اغسطس شهر تزيين النخيل بمختلف الألوان، ازينت الاكوان لمرورنا المكرم و مهدت الارض نفسها لنا لنُزرع فيها فلذات أكباد، فسابقنا الجميل لخير مستقر
وكنت اتمنى ان اسبق لكنني خسرت السباق، كنت اتمنى لو رأيته دونا عنه بقلبي حتى لمرة اخيرة لكن الجميل أصدق و الفائز هو الاصدق
كنت اريد لو اصبحت يوما فداءا للأحباب لكن الله لم يشاء
"قبلت ولم يزل المسك في فمي"
اي طيب سأذكره وانا اتحدث عن الجميل طيب الذكر وحسن السيرة وزكي الطباع، اتسائل هل يزرع النخيل بذور العطر!
لن أظلم اغسطس ف أسب الدهر تشبيها حتى لا نطقا ولا حديث نفس، فالايام أبناء سواسية في الحب ولا مجال للكراهية
فكتاب الحبيب كبير أبيض مزرقش امتلأ بعذب السطور، لا كشط لمحو ولا اثار لشطب واخر صفحاته مفتتح أغسطس وها انا ارى الغلافين يتعانقان ككل أغلفة الكتب
أسأل الجميل عن ما يمثله الثالث من اغسطس كل عام
"كذا ؟"
اضحك متعجبة من نسيان يومي المفضل وانا اول العنقود
يتكرر السؤال كل عام وتتكرر الاجابة ف اضحك كما اضحك دائما
ولا احاول تغيير الامر بأي موقف سوى تصحيح المعلومة وقت طرح السؤال لاكرره بعد عام لاجد في الجواب شيئا لطيفا نتحدث عنه بصدمة مرحة جديدة
لحديثنا مذاق اخر أعلق نفسي بأمنية أن أصبح فاطمة نبوية جديدة تلحق حبيبها كما لحقت هي ولا اتمنى هذا بيأس ولا حزن فلقد سهل الجميل على قلبي الأمر بالمبادرة فاضحى كل شيئ في وضوح شمس الأحد يوم ككل يوم مع ميزة أن تتعانق دفتي كتابي وقد ملئ بجميل الأثر فنلتقي لقاءا هادئا ككل الأحباب
انا ام ابيها الحقيقية، اشعر لو اختلف صوته، اذكره بكل الاشياء قبل ان ينساها، اغني اسمه عند كل حديث، اعيّده قبل الجميع، افاجئه، انصحه، اضع له الحلوى في فمه، اصور له الاشياء الجميلة كل ما اشتريت وكل ما احضرت وكل ما صادفت اخاف عليه من الحسد و اخلص لقدره ومقامه وادعو الله له قبل الجميع
أغار على حبيبي فأحدُّ من ذكر محاسنه ف افكر في اخفاء شيئ او اكثر متناسية انه ككل الكتب المفتوحة يقرأه الجميع، نواياه، وافعاله على حد سواء
لم اسمع كالاخرين محاسنه لاكتشفها فأرضى فانا رأيت كرما لايضاهيه كرم ورفقا لا يضاهيه رفق وحسنا لا يضاهيه حسن ولا اقول هذا لمكانته كحبيب ولكن لانني لأعوام رأيت وعايشت وسمعت وحكي لي وقصوا على مسامعي الناس.
يعلم الجميع كم اتحدث عن المدينة الفاضلة ويظنوا انها من نسج خيالي ولا احد يعلم انني نشأت في مدينة فاضلة لا يذكر فيها اسم بسوء وان هدد امننا غريب ذكرنا محاسنة لكي لا نبغضه وكم من الاعذار رددناها لنقبل عيبه وكم لمنا انفسنا ان فاقت الاعذار الحد فانصرفنا وكم راجعنا انفسنا لنقبل وكم اكرمنا ولاطفنا وكم اطفئنا وكم بنينا
فمن نشأ في مدينة فاضلة كبيتنا يود لو بنى لنفسه بيتا على شاكلته يشبهه يجمع من الأحباب فيه ماشاء ليعم الخير الذي طالما نُعِّم فيه
ولا اقول عن الجميل جميل لانه سيدي ولكن لجماله حقا فكلامه جميل وقلبه جميل وروحه جميلة ونفسه مطمئنة جميلة وصوته جميل حين يتحدث و حين يشدو اجمل الأصوات وحين يقرأ القرآن يفوق أجمل القراء رائحته جميلة و حديثه جميل وملامحه طيبة وجميلة
يمتن اخي لحديث الناس عن افضلية ان يصبح ابن حبيبي والحق اننا ابدا لم نفخر بشيئ قدر فخرنا بكوننا ولدنا لأبوين مثل ابوينا حامدين الله سرا على افضاله كاتمين الرضا و الفخر والاعتزاز رحمة بمن لم ينعموا مثلنا بأبوين كمن رزقنا الله بهم فقط لا غير شاعرين بالامتنان التام شاكرين لله افضاله ف الحمد لله صاحب المنن والعطايا
والرحمة التي اتحدث عنها الآن كانت ومازالت صفة من تلك الصفات التي انتقلت الينا بالمعايشة ف فكرة ان تحيا مع رحماء يعاملون الله في الناس كانت رحمة، لا اهانة ولا اساءة ولا تعالي لا جفاء ولا غطرسة ولا تعنت..قبول ودعم ورحمة وشفقة و رقة ومودة وتقدير وقبل كل شيئ ثقة فاصبحنا نعامل الله في ابوينا نصدقهم القول اخلاصا لهم ونخفي عنهم ما صادفنا من غرائب لكي يظلوا انقياء كما هم يرون الناس جميعا تلفهم هالات النور دون شائبة واحدة
لن اتحدث عن ما لا يخفى على الناس لكي لا أرائي بالحبيب فيكفي أن الله يعلم
وأخيرا
بنى الجميل بيته الجديد فصممه الله له في احسن صورة ونوره بنور يلفه من كل جانب فاللهم لك الحمد على كل المنن والعطايا