الاثنين، 20 أكتوبر 2025

صالح الجعفراوي 🌷

 في اول الحرب وتحديدا يوم جمعة

جالنا زوار البيت لقونا مفحورين في العياط بسبب فيديو فيه ناس من اهل غزة شهداء و جرحى في محيط مأوى لللاجئين و الفيديو ده  كان منزله صالح الجعفراوي بيصرخ فيه وهو بيتنقل بين الشهداء و المصابين و بيلقن منهم ناس الشهادة، والمشهد كان مرعب المباني مابدأتش تتدمر زي دلوقتي الدماء في كل مكان صافية مش مخلوطة بالخوف و الردم و اليأس ف كل صرخة كانت بترن في سماء غزة، كانوا الناس و الحيوانات، و كل ما هو حي بيذبح وسط دهشتنا جميعا و كان صوته بيستجدي ربنا و بيناديه "يا الله" أعلى من أصوات الصراخ واصوات الزنانات، واصوات القنابل، يمكن دي كانت اول مرة اشوفه فيها، صالح الجعفراوي فضل شريك رحلتي في غزة لمدة سنتين، الشاب الجميل الباسم، الحنون، المتحدي، الصامد، والصابر..يمكن صحفيين كتير عرفتهم بس كان كل تركيزي و كذلك ملاحقتي ليه هو

اول مرة حسيت بالتخاذل والتقصير والغضب فيه من موقفنا كبلد، كشعب، كوطن بعتت له رسالة اشرح له فيها ان ما باليد أي حيلة، وكان نفسي يشوفها، بس مش طبيعي كانت تتشاف وسط ملايين الرسائل اللي اكيد بتوصل له، الاحساس ده فضل مكلبش فيا لسنتين، مش مكتفية بالمقاطعة، ولا بالكلام ولا بالنشر، ما انكرش اني يئست كتير وو  قفت نشر اكتر استسلاما لكل المشاعر المؤلمة اللي عيشتها لكن كل شوية كنت ادور عليه اتطمن انه حي ..انه بخير و عايش.. اتصاب كذا مرة بس الحمد لله كنت باتطمن انه بخير حتى اكتشفت انه مرة اتأخر في النشر لقيتني باعتة له رسالة باتطمن عليه

لحد ما خلصت الحرب، او يعني اتضحك علينا واتقال كده، ساعتها ماشوفتش اي فيديو احتفال ليه، ويمكن ولا لغيره سجدت سجدة شكر و سكتت، كان فيه حاجة جوايا بتقول مالهمش ضمان، مالهمش أمان، انا بصراحة فرحتي كانت منقوصة احتراما لكل الأوجاع اللي قي بيوتهم، قلوبهم، وأرواحهم.. تخيلنا البيوت اللي نقصت، والناس اللي انكوت، وحاجات كتير مالهمش وصف و حمدنا ربنا وسكتنا وحسيت اني انتصرت عشان صالح عايش، وده كان مكفيني وزيادة وكأني اختصرت غزة كاملة فيه هو .. وكأنه اللي ليا هناك


يوم الاحد اللي فات، اتحكى لي قبل العصر ان صالح روح البيت وانا ابتسمت وسكتت، على آخر اليوم نزل الخبر عبود بطاح شاب صغير و قلبي اترزع من اعلى دور، انا قلت لأ..اكيد لأ و روحت ادور عليه لقيت ناس كتير بيعلنوا الخبر وكتير بردو بينفوه وبيقولوا انهم فاقدين الاتصال بيه.. بكيت لما قلت يا بس..بكاء هستيري من غير صوت مع خوف رهيب وعدم تصديق وتمسك بان لأ اكيد تليفونه مقفول، او فصل منه  او اي حاجة وهيرجع عادي، شوية وناس بقت تأكد الخبر وانا قافلة على نفسي ومصرة انهم بيروجوا اشاعات لحد ما نزلوا صورته على السلم شهيد ساعتها جريت ادور على فيديو له من رمضان قبل ٣ سنين..آخر رمضان قبل الحرب

كان شاب جميل، مرح، شقي، مقبل على الحياة، فرحان بدخلة رمضان، بيحتفل مع الجميع، بيتنطط و بيضحك، بيغني، و بيقرأ قرآن، و بيصلي، و بيلعب..كان اجمل فيديو شوفته ليه او لحد اصلا فرحة عارمة برمضان، حقيقية مش مصطنعة، تحس روحه كلها بتضحك مش اسنانه بس .. كنت متمنية الحرب تخلص بس عشان يصور لنا أجواء رمضان من تاني، وترجع فرحته من تاني  لكن لله الأمر من قبل ومن بعد

الله يرحمه ويرحمنا و يغفر له ويغفر لنا ويسكننا فسيح جناته 

ويفضل حب الناس يشفع له ليوم القيامة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق