كنت أرى الإخلاص صنف من صنوف الاحسان، و الاحسان هنا في مراعاة ظروف ومشاعر، وأفئدة الآخرين، أتذكر كم الأشياء التي امتنعت عن نشرها كي لا تُبكي فاقدا لأبويه، أو فاقدة للأمومة، أو مشتاقا لصديق، كم الناس الذين اعتذرت عن ملاقاتهم احتراما لصورة حبيب سيأتي حتما ولو بعد حين، أتذكر كم المحاولات التي قمت بصدها تقديرا لقيمة شريكي الذي سألتقيه ولوعلى مشارف انقضاء الدنيا اخلاصا له، أتذكر كم القرائن التي سترتها، لم افضحها كي لا أنتصر في معاركي على حساب مبادئي، أتذكر كم آثرت النُبل على الفوز، أتذكر كم سألتني نفسي من سيتأذى خاطره لو فعلت كذا أو قلت كذا، كم صبرت واحتسب صبري سبيلا ليرضى الله فيغير الاقدار
ثم اكتشفت أنني كنت في كهفي نائمة لقرون ، وان ما بحقيبتي من عتاد لم يعد يصلح لهذا الزمان، فكلما أخرجت شيئا من حقيبتي وجدت نقيضه معهم وكلما حدثتهم لم يفهموا لغتي وكلما دعوتهم انصرفوا عني ثم زلزلوا الأرض من تحتي ف كبرت فجأة كنبتة داسوها بجراراتهم فحرثوا أرضها دون سعي
كنت في ارضي كلما ضقت أجدني أردد لنفسي سؤالا واحدا
" هل جزاءُ الإحسان إلا الإحسان؟
وكانت الاجابات في قلبي
كل لحظة أسئله ولا أنتظر الجواب
حتى أعيد عليه السؤال ثانية
لم يعد شيئ كما كان ، لن أقول انني لم أعد أعرف أيهما أفضل، أو أن الخير اختلط بالشر ولكنني صرت على يقين بأنني أخشى أن تفوت الدنيا فلا ينتصر الخير فيها، وأخشى أن يظنني الناس بعد هذا كله الشر فيلفظوني فيصبح الخير قد انتصر فعلا وانا الشر وهذا مبكي للغاية ، أخشى أن أصبح انا الشر في هذه الدنيا ، ماذا لو كنت حمقاء كما يظنون، أو ان اخلاصي سفه، وادعاء وان خياناتهم هي الحق!وان كذبهم هو الصدق اما صدقي فهو الكذب او الادعاء او الرياء، أو الجهليلتف الناس خلف خير غير الذي أعرفه، غير الذي ربيت على حبه، كل شيء تغير، لم يبقى شيء كما خلقه الله، لم يعد شيء كما تعلمت في المدرسة أو البيت، لم يعد شيء كما أتمنى لم يعد الجمال في البراءة ، ولم يعد للحياء قيمة، أما الحلال فأضحى كلمة عقيمة لا طائل من ورائها ، فكل شيء جائز، أما المحرّم فهو قيد تكسّر ، لم يعد هناك شيء ممنوع، تمنع الأشياء للعب، لتجريب شعور المنع ليس أكثر، أظنهم لم يسمعوا عن وخز الضمير شيئا من قبل، أو ربما هي طريقتهم في التحرر منه للأبد
هناك أشياء ربانا الله على انها لم تخلق لتواكب، أو تجارى، خلقت لننصرف عنها ولا نأس عليها، فأصبحت وحيدة في عالم خيالي، لم يعد أحد يشتهيه، كأميرة من عالم افتراضي لا يبحث عنه أحد، ولا حتى في الكتبانا في حفرة عملاقة مازلت أسقط فيها منذ أعوام، صرت أكبر من الناس أجمعين، عجوز في الثمانين من عمرها، في زمان لا يصل فيه أحد لعمر الثمانين، توزع الدعاء على من تحب والنصح لمن يرغب، وتسقي الزهور والطيور والأطفال، و لا تحرك في الدنيا ساكنا غير أنها كلما ضاقت مدت كفها المرتعشة نحو قلبها مطمأنة له بأن الجنة على مقربة
قضيتي هنا ليست قضية معتقد أو دين، هي قضية حياة، فهل أُصعِّب الأمور حقا وهي سهلة فتعاش، أم انني أمتنع عنها حفاظا على صورتها، قيمتها وحقيقتها، هل هم على صواب حين يزيلون الحواجز التي أضعها وأنا أحفظ الله أحفظ الله في نفسي، في اسمي، في كرامتي، احفظه في سؤاله دون من سواه أم اننا حقا في غابة وان السرقة مباحة وان النهب مشروع، وأن الكذب منجاة أنا على يقين من أن بكائي الان ما هو الا استجداء لرحمة الله، فتبدل الأشياء، فلا ينتصر شيئا غير الخير، الخير الذي أعرفه
...
ملاحظة أخيرةأنا لم أقل شيئا من هذا كله وانا أستصغر أحدا أو أميزني عليه،ولكني بكيت كورقة شجر وحيدة في مهب ريح عاتية
فأناشدكم بحق لحظات الضعف والقوة لا تستصدروا الأحكام ثانية
فأنا لم أكن أبدا لأتحمل
هذه الرسمة لي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق