(ماجمع الا أما وفّقْ ) جملة ربما ينطقها اغلبنا مثل جملة الطيور على أشكالها تقع الحق أننا ننطقها بنوع من السخرية في حين البعض يحاول فهما حسب نيته سواء بتصديقها او تكذيبها .
تلك الجملة التي تسبقهم ألسنتهم بقولها ردا على من يسألهما كيف يعيشان سويا رغم كل هذه الاختلافات بينهما ربما الاتفاق الوحيد هو انهما ينطقانها دون إيضاح الأغرب ان الجملة غير ملائمة أبدا لا للواقع ولا للسؤال .لكن يكفي الاتفاق الغير متفق عليه هذا
ربما تظن للحظة أن الحياة مستحيلة لكن ...لا تتسرع انت لا تعرف ما يمر بهما ويمرون به
*
في الصالة يقولها بينما هي واقفة تتأكد من أن الخصلة الناعمة لن تنزلق من حجابها الحريري
-اسرعي سنتأخر
*لا تقلق , كل مرة تتعجل ونصل قبل وصوله ,أتريد أن نمل وننزل إلى الشارع لشرب عصير مرة أخرى...لا ..انسى سكرك ارتفع تلك المرة..تتذكر
-يبتسم...ويرد بلطف إذن عصير ملائم للحمية
*تضحك وتجلس على الكرسي
يرتدي الساعة الفضية الاقرب لقلبه فهي هديتهامنذ 10 سنوات أهدتها له حينما غارت من الساعة الجديدة هبة احداهن ..ربما قبل ظهور ها لم تكن لتفكر في اهداءه بأكثر من زهرة كخطيبته ليضعها بعروة معطفه هي ليست بخيلة لكن خروجها معه او مع غيره لسبب غير مبرهن له أمر من آخر المستحيلات تنظر للساعة وتتذكر مصير تلك التي قبلها تبتسم وعيناها تتذكر لون يد الهون المعدني
أكبر قطعة خرجت من تحته كانت عقرب الثوان
تلتفت له وهو يكرر كلماته قدمك ، قدمك..تفيق لاتعلم اين كانت عيناها هل تثبتت على الساعة أم أنها تخطتها لموضع الهون الذي لم يتغير فهي للذكرى فهي أخذته من بيت أبيها مع جهازها
تحت قدميها تراه جالسا ناظريه انكبا على قدميها وكفوفه تتحسس فردة الجورب التي سقطت من يده توا حينما نظر لوجهها يتفقد حضورها الغائب هذا تنظر له وهي منزعجة حرجا من انها بدلا من ان تسعده وان تجلس هي تحت اقدامه خدمة ورعايه .تتركه هو من يلبسها الحذاء تضيق جدا من نفسها ..تتنهد بضيق فيرفع رأسه هو يعلم تماما ما بداخلها لكن كعادته يبتسم ويتصرف يقولها بصوت ابتسامته
-انسي
*ماذا؟
-لن تمسيها هي ملكك حقا لكن لن يحدث
*تضحك وتقف ...لقد أنهى مهمته كاملة هو ايضا يجلسها دائما بجوار الباب حيث حافظة الاحذية والى جوارهاكرسي لبس الاحذية يمد يده ويخرج المفتاح المعلق في المسمار بجوار الباب تضحك في كل مرة بصمت وهي تراه يعيد ذكرياته الريفية في الزمالك شقتهم الواسعة ذات الاثاث الثري لن تخجل من مسمار تم دقه في حائط بجوار باب الشقة للمفتاح كذلك لن تسعل حينما تشم رائحة بابور الجاز تحضيرا لاغتساله حتى وان كان فيما بعد سيقف في( بانيو )عرضه مترين لن تتأفف عيدان البامبو من عطر الثوم المعلق في التراس المستدير
يفتح الباب ويسحبها من يدها ليخرجا سويا ويغلق الباب ،فيبدئا بالنزول و في منتصف السلم يتذكر
-يا إلهي لم اتمم على محبس الغاز
*تسحبه من يده لاسفل وهي تساله أطفأت الانوار ؟
-نعم
*المراوح والتكييف؟
-نعم
*اغلقت شبابيك الغرف والتراس ؟
-نعم
*التلفاز؟
-نعم
*رفعت فيش الاجهزة؟
-نعم
*وصلنا للشارع ولن تصعد ...تقولها بحدة
-يضحك ..هل كنت تخدعيني !اذن لم تتغيري
يقررا السير ف عيادة الطبيب في آخر الحي لن يحدث شئ ان طلبت الراحة في الشارع طلة النيل بهواءه أعظم عطلة وافضل عقاب ..تسحبهما سيقانهما نحو العيادة
لدى الطبيب
+عال في تحسن مستمر
-الحمد لله
اذهبي مع لممرضة للأشعة ولا تنسي اتركي اي شيئ معدني هنا...
*امرك تقولها وهي تفتح الباب لتنصرف مع الممرضة
+كن مرتاح البال اطمئن صدقني ستصبح بخير لكن تحتاج للصبر ستغضب وتخرج عن حالتها الطبيعية ستجرب معها الويلات انت تعرف بسكت برهة لينطقها على مضض...العلاج بالكيماوي متعب جدا ..الجملة بسيطة لكن صعوبتها في العشرة هما ليسا مجرد طبيب ومرضى هما عشرة سنوات صداقة فاقت الأخوة ..يسكت ثم يكمل ..مؤلم ..انت تعرفها ضعيفة
-لا اغضب منها ابدا
+الامر يفوق الغضب و ربما ستحاول التشاجر معك وتتصنع ذلك يصدر بفمه صوت الرفض ويوضح هي في الاصل محاولات للبكاء..
-آفتها الوحيدة تلك الدموع التي تخفيها
+انت صديقي المخلص ليت باقي الرجال مثلك
يعوق استكمال حديثه صوت طرقتها على الباب تطرق على الباب وتفتح لتستكمل حديثهم وكأنما كانت طرفا فيه
*عفوا.. لن يحدث ..زوجي النسخة الاصلية وممنوع التقليد !!
يضطربا قليلا لكن يسرع الزوج في سحب ذراعها تحت ذراعه وينصرف وهو يؤكد
- ...سأنتظر نتيجة الاشعة هاتفيا منك غدا
في الطريق
تتذكر ما سمعته على الباب فتلمِّع الدموع بعينيها لتريها له تبحث عن نقطة مضيئة في الشوارع المظلمة لا تريد ان يصبح لديها آفة يشكوا منها لأصدقائه تسحب ذراعها من ذراعه لتنظر للطفل على كتف امه تهم بالسير بعيدا عنه لكن يسحبها من يدها متسائلا
-إلى اين!
* سأعطيها الكوفية تلفها حول عنقه ، سأقبله واشم رائحته ..بصوتها الطفولي تقولها سأسبقق ..إدمان..رائحتهم ادمان يدفع الحمل الثقيل من قلبه بجناحه الايسر بينما جناحه الاخر ممتزجا بجناحها يجريان كمجنحين نحو الطفل ويقبلاه ويغمضا عيناهما استمتاعا بالرائحة العذبة-----------
في المنزل
على فراشه المتسع لأربع أفراد حيث حلمه القديم بانامة أطفاله معه في سرير واحد و
-لا تنسي المنبه غدا موعدنا بعد موعد العمل سأتصل بك لتتجهزي أرجوك لا تأخريني
تبتسم دائما و تتذكر قول اسماعيل ياسين المتوسيكل من الشيطان تضحك دون عبء بجلسة الكيماوي الثانية غدا تنام ، تلتحف حمد ربها على نعمة تدعى محمود أتى بعد سنوات من الحلم المحبب المدعو (طرحة تُلْ ) ذلك الحلم الذي رأته صديقتها في سيارة فخمة تختلف عن سيارة والدها الارخص والحلم ذاته انتقل لعينا ابنة عمتها لترى صاحب البدلة الميري تلمع له ازرارها ف يعلم الفارق الشاسع بين لون الازرار فيما سبق وحالها الآن نفس الحلم الذي ارتدته جارتها والتي اصبحت فيما بعد نسيبتهم (زوجة أخيها ) حينما رأت نفسها تضع روبا أبيض يستر جلدها الخمري صاعدة على السلالم من شقة والدها لشقة جارها الأشقر الذي يعلم الجيران أجمعين بشأن نظراتهم المفضوحة منذ الثانوية العامة
-----------
تقلق
آلام قدميها لا حدود لها تخرج إلى الصالة مسرعة الامر ليس جديدا لكن بهذه الدرجة فهو مستجد تجري نحو الافكار والحلول في الصالة ترفع قدميها ف على الحائط ترهقها الفعلة اكثر
فتنزلهما وتحضر طشت المياه ميراث زوجها من والدته وتملأه ماء ساخن وملح ..لكن بعد نصف ساعة تبرد المياه وما زالت أقدامها مشتعلة تختار مسكنا لتأخذه وتنتظر مفعوله تتذكر في تلك الفترة تلك النصيحة التي اشارت لها بها صديقة ان تأخذ بينج كلى تفيق من غفوتها على الامها فلا فائدة تفكر وصفة جارتها ضعي الشطة في الخلاط وبعض الزيت الدافئ وافركي قدميك بهما تجري نحو المطبخ تلهث أمام باب الثلاجة بحثا عن ألم التهاب الشطة على الجلد ...بمجرد هيجان جلدها من الشطة سينسيها قليلا آلام السرطان .. مع الاسف لا فائدة لم تجد ما بحثت عنه
يهزمها الالم فتعود إلى السرير مستسلمة لألمها المعتاد وتفكر
السرطان لا يشبَّه فهو ألاقصى هل مثلا أشبهه بالثعبان ف الثعبان يمكن الشفاء من لدغته وتشعر ببرودة في جسدها تلتفت حولها لتبحث عن الثعبان أين هو ..
يقلق يتقلب زوجها على جانبه الاخر ف تنتفض من خوفها ،حركته هذه أربكتها أكثر
-ينتفض فيفيق يجدها جالسة ينطق ارتاحي حبيب..لا يكملها ويعاود نومه
تتفقده ظلمتك كثيرا ....ظللت أرهقك بنظراتي للأطفال لا يهم انت طفلي بدأت في لمس رأسه ومداعبته شعرت للحظة انه هذا الطفل استراحت للفكرة ,بدأت في التفكير ماذا سنطعم الطفل غدا انت طفل كبير سنك اكبر من ان اطعمك لبن , اسنانك بيضاء قالتها وهي تتحسس شفاته ولديك رأس فارغ من الشعر رأس بشعرة واحدة ظلت تنظر للشعرة بحب
شرعت في البكاء
سيتزوج نعم سيفعلها حتما عندما أموت وصيتي كتبتها منذ ثلاث اعوام
تتذكر نص الوصية الذي لم تنساه بعد فهي كلما تالمت تذكرته فبكت كوسيلة للتباكي
***
حبيبي:تزوج هذه وصيتي قلبي يقترح عليك احداهن وقلمي يرفض كتابة اسمها
لا تخالف أمر الله (الطيبون للطيبات)
حبيبي رجاء اتمنى ان تعرفها دون مساعدتي لك أو لاتعرفها ابداتزوج من الطيبات ولاتتذكرني حينها لانك ستستحضرني وحينها ساغار هل يرضيك لي ان اغار بالجنة..لا تتساءل سادخل الجنةحتما..ليس لأن الله غفر ذنوبي بالمرض إنما لأنك راضٍ عني
وضعت رأسها بين قدميها لترتاح لكن لا فائدة ف الفكرة برأسها لن يغفرها وأد هذا العقل تحت قدمين من لهب
يدها تتسلل نحو رأسه تريد قطع حبيبتهم وابنة عمرهم تلك الشعرة برأسه ابنتهم الاولى والاخيرة كما كان يرعاها كزهرة نادرة
ا---------
في الصباح
تبكي لدى الطبيب
*لا أدري لما لا يفيق ارجوك أيقظه سنذهب سويا للمشفى بعد ساعتين ..يجب ان يفطر لم يأكل شئ منذ الفطام
عينا الطبيب المتفحصة براسه لا تقوى على الروئية من فرط ما امتلأت بها من دموع فالرؤية تحت الماء مستحيلة..يربت على كتفها ويخرج ليكتب التقرير ويفرغ بداخله ماحوته عيناه بينما الممرضة تضع الملاءة على وجهه
--------
في المخفر
تكررها:
ترتعش تبكي تصرخ وسط الكثير من المشتبه بهم ..حالها يرثى له نحيبها يزداد فوق ضجة قسم الشرطة
أنا من قتلته أقسم لك سيدي تحاول أن تنزع من كف أحد المشتبه بهم الكلابش الحديد وتبكي ضع هذا هنا تقرب الكلابش من يدها يضحك المجرم بينما يتمزق قلب الأخر
يضيق الظابط من حديثها تكرر نفس الجمل منذ نصف ساعة
* انا من قطعت الشعرة ارجوك حاكمني
/ ينهرها العسكري كفا هراء والا سجنتك يقترب آخر من فمها ...
//لم تشرب كحول فمها جدب يابس يتحرك ليحضر لها كوب ماء ..
*لا اريد ماء أريد فقط الشرطة في خدمة الشعب ترددها اين اللوحة اين هي تتفقدها تذهب هنا وهناك بحثا عن لوحة مكتوب عليها تلك الجملة
لا تجدها كانت هنا تشير فوق رأس العسكري النوباتجي كانت هنا ...اين هي ...من ترى سيساعدني ...ياربي
يخرجونها عنوة وهي تردد سأحضر لكم الدليل تذهب للمنزل وتجد البواب يقدم لها العزاء معتذرا عن الحضور معها للمستشفى بسبب العمارة من سيهتم بها ..اتحاد الملاك س..آخر كلمة نطقها لم تسمعها مثلما لم تسمع كل ما سبق سحبها المصعد الكهربائي للدور الثالث ..جرت نحو الباب الذي مازال مفتوحا متجهة نحو الغرفة الورقتين في الدرج خطفتهم وعادت للمصعد ثانية عائدة للقسم أثناء خروجها يسألها هل يوقف لها تاكسي لا ترد ف يخرج معها وهو يكمل ..اتحاد الملاك ليسوا ملائكة
ثم يستفسر :هل حمل ابني الاستاذ مع الجيران أم انه (خرع) كعادته لم تلتفت للبواب كما لم تلتفت للطبيب من قبل حينما سألها عن المراسم مازالت تجري نحو اي تاكسي فيرى حالتها وحال ملابسها وجهها يتركها ويذهب بلا عودة ..تصرخ في الشارع اريد سيارة ..قدماي لا استطيع القيادة زوجي معه المفاتيح والمفتاح معلق بالكلابش اريد ان احضره الان
واخيرا يقف لها سائق وما ان تصل حتى يمنعها عسكري الامن امام القسم وبعد مفاوضات ما بين اللين والعنف بينهما يؤكد لها منذ أيام وانت تاتي لا أريد أن أكدر بسببك فتجلس له على الارض وتقرأ للمرة العاشرة بعد العدد الذي لن يفرق معها مادامت لا ترتاح به
..
-حبيبتى ..قرأت وصيتك . اعرف ان تركيزك المحدود ربما ينسيك البحث في صندوق الوصية ربما لا تقرأيها.ثانية. ما ذا اسميه هذا ! عين في الجنة وأخرى في النار! كيف تريدين ان اتزوج سواك وانت تغارين حتى من ذكر اسمها حبيبتي لا تقلقي ربما اسبقك انا منذ ثلاث اعوام وتحديدا في سفرتي الاخيرة تعرضت لحادث كبير كاد ان يفقدني حياتي ولولا تلك الشعرة الكبيرة التي استندت عليها أغشية غلاف المخ لسقطت تلك الاغشية على كسر بجمجمتي الامر لا يسمى الا بكونه معجزة لكنه ما حدثأني أنا مدين بعمري لتلك الشعرة فضولك وأمنياتك ان ترفعيها كانت ستودي بحياتي ربما شكلها غير لائق لكن شكلي بدونها لن يليق بمن على الارض...اوصيك حبيبتي بتلك الشعرة كتابة بعد مماتي بان تنزعيها من رأسي احتفظي بها فهي ملكك ولا تقلقي لن اتزوج اخرى لتداعبها أقسم لك هي لك
..
تنظر للعسكري متصنع الشغف متصنعة تصديقه لتكمل
* هل سمعت ....ترتعش بصوتها العصبي المهزوز ..أترى !
هذه هي الورقة الثانية تخرجها وهي تقرأ للعسكري وتردد الدليل هذا هو الدليل وتقرأ
..
عزيزي ساحتفظ بهذه الشعرة رجاء ضم هذه للوصية للسابقة رجاء ادفنها معي ..لا تنسى.. حتى لا تلمسها عروسك الجديدة ..ارجوك
..
هل رأيت..تقولها مخاطبة العسكري أنا مجرمة تتنفس بسرعة وتقترب منه بقدمين عاجزتين عن الثبات لتكمل :ارجوك ضعني في السجن يجذبها فخذاها للتراب تضع راسها بين نيران قدميها وهي تبكي وترتعش ارجوك ارجوك عاقبني ارجوك أحبه
الأصلع الذي أحبه