أشعر بالشفقة كثيرًا حين أقرأ مقالات علوم النفس، وخاصة تلك التي تحدثك عن كل ما يحتاجه الإنسان ليصبح أسعد، وكأن الحياة حقوق فقط ... حقوقك أنت بالتحديد، ولكن ماذا عن الآخر، أنت الآخر دائما ولا تصبح بطلا إلا في قصتك، وقد تصبح ضيف شرف يستحق التقدير لو بذلت شيئًا أحبوك لأجله، أنا الآخر، أصبح سيئًا لو بذلت السوء عوضًا عن الحسن، وأصبح رائعًا إن بذلت جهودًا تضفي السعادة على قصص الآخرين، لاتقدم المقالات حلولًا لأصبح إنسانًا سعيدًا يحبه الناس، تحيلني المقالات لإنسانًا مهزومًا، محتاج دائما للدعم، محتاج لإنسان يقف إلى جواره، محتاج إلى إنسان يعانقني عند الحزن، أو الخوف، أو البكاء، محتاج إلى إنسان يقدم لي السعادة كلما أبصرني، محتاج إلى إنسان يشتاق إليّ وينتظرني، تُذكرني المقالات بحاجاتي، وتضخّم من حجم مأساتي حين تشعرني بأن احتياجاتي بسيطة للغاية ولا أحصل عليها فهل لا أستحق، أفكر في أنني حين أصبح الآخرسأحتاج لمعجزة لأحقق احتياجاتي مرتين مرة عن طريق نفسي ومرة أخرى عن طريق الآخر، وكأنك تُطعم نفسك بملعقتين في نفس الكف، تبكي وتربت على كتفك، ولكن ماذا لو علمونا الفعل ورد الفعل معا، ماذا لو قالوا إنك تحتاج لأن تربت على ذراع الأخر لتطمئن فقرأنا جميعًا ونفذنا ما نقرأ، يعلموننا الاستشفاء من الحزن ولا يعلموننا الإسعاد، ماذا لو علموني كيف أصبح عند ظن الناس، كيف أرضيهم، كيف أدعمهم، كيف يشعرون في صحبتي بالونس والدفء، كيف لا يستغنى الناس عني، كيف أصبح محل ثقة، وكيف أرضي من أحبهم، أنا هم وهم أنا إن بدلنا الأدوار فقط.. هم يستحقون مثلما أستحق، ماذا لو علمونا جميعا الإنسانية من كتاب واحد هو السنة النبوية.. أعلم أنني مختلفة، واختلافي لا يرضي الجميع، ف أنا أقيّم الأمور بضميري قبل كل شيء، وأسأل نفسي عن الآخر، ماذا أعطيت أولا، ربما يذكرني بهذا قول جعفر ابن محمد الذي ربيت نفسي على اعتناقه منذ كثير وهو " التمس لأخيك سبعين عذرًا" فأبدل الأدوار وآخذ محله في مَنْطَقة الأمور، وأشعر أن كلمة "ربما" ستصبح شفيعتي لو دخلت بالتماس الأعذار الجنة..أقول هذا صراحة وأنا أبرر للآخرين كل شيء حتى وأنا في قمة غضبي، فأغفر.. أنت أيضا لو فعلتها حتما ستشفق على كل من حولك، ستفكر بمنطق يجعلك متعاطفًا أكثر، رحيمًا أكثر وأكثر، ستشعر بقلة حيلته، ستفهم على الأقل أفعاله، وتسعى لتعليمه كيف يصبح بطلًا حين تؤدي دور بطولة رائعًا أمامه، حين تؤدي دورًا يحتذى به
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق