الاثنين، 31 أكتوبر 2022

حين نمت في الواحة

   سافر حبيبي وداخلي يودعني ... بكى وبل المحارم وانا قلت ايه يعني

والله فراق الحبايب مر  يوجعني 

كنت قد دفعت من فوق سفينتي للنجاة، تلك السفينة التي صنعتها لأعوام، أسافر لأجمع ألواحها، أربط الألواح بالألواح، وأنتقي من كل بلدة قطعة أضيفها لأصنع منها معجزة لا مثيل لها، سرت بها من بلدتي لتلك البلدة التي سألوذ فيها بالمأمن، إلا أنهم سلبوني سفينتي ودفعوني من فوقها عنوة بقبضتين من خيانة وإهانة، عدت محملة باليقين بأنه لا ثقة لي بأحد بعد اليوم، مثقلة بالبرد في شوب أغسطس، معصوبة العينين بشريط فيديو سينيمائي يريني كل ثانية ما حدث، ويكرر على مسامعي كل كلمة صارخًا في أذني ستظلين تسمعين وترين ما حدث إلى أن ينتهي بك الأمد، وكنت قطعة من حجر، لا بل حصوة في رغيف خبز، أو شوكة في الحلق، حلقي أنا على وجه التحديد، لا روح لي، لا شيء يشعرني بالحياة سوى الألم، الدهشة، وعدم التصديق، حينها توقفت أجزائي عن العمل كساعة قديمة، أقف عند تلك اللحظة تحديدا، لا دقات لقلبي ولا دمعات لعيني ولا غفوات لذاكرتي، واستمررت يقظة لأيام تدور الذكرى حولي، تستصرخني لأصرخ، وتعض على يدي لأبكي، وتقذفني بالحجارة كمجذوب يناظر اللاشيء في سكون يتوسط الصخب، ف أقرر أن ألوذ بشيء مما بقي لي من انتباهة، أوسعه كغزل لعله يتسع فأهرب داخله كتائهة في مغارة، واخترت أن أقضي ليلة من تلك الليالي بداخل قصة أخرى، واحة الغروب، أنا وعيناي المفتوحتان، وقلبي المذعور معا نشاهد ملحمة من وحي خيال لنختبئ من تصديق أننا في ملحمة حقيقية نُقطّع فيها أحياء، أنا وعيناي المفتوحتان وقلبي المذعور نتفاجئ بكل ما حدث كلما شتتنا صوت، ترتعش أطرافي، وينتفض جسدي، وأمشي كالمغشي عليها، لا وزن لي، ولا ثقل ، أتحرك كريشة فوق ماء، تدافعني الكيانات من حولي، ثم يأتي المشهد حين تبكي مليكة لجدتها طالبة تسريحها من معبد وتقسم على أن لا تذهب أبدا لرضوان أن نفذوا مطلبها، وهنا فقط أبكي وكأنما وجدني أخيرا البكاء، رآني بعد فراق، فعوض لهفته، أبكي وكأنما حملتني أمي في عينها، وولدتني دمعة، وأخرج لأستكمل البكاء في طريق أجهلها، طريقًا تتسع ف أذوب صغرًا في اتساعها، إلا أن لشهيقي صخبًا كالطلقات، وربما كالرعد إن أردنا التوصيف، وتأخذني أقدامي الهلامية لمحل بيع الحلوى ف أقرر الاحتفال بيوم ميلادي متأخرا، وأختار شمعة تحمل الرقم"ثلاثة" ولا أدري أي ثلاثة أشياء سأحتفل بهم، وأطفئ شمعتي بلا أحلام وأكتب شعرًا لا زلت أخشى قراءته فتسبل عيني فأنام.

 غروب

التقطته بنفسي

الأحد، 23 أكتوبر 2022

فضل شاكر

 فضل شاكر في فترة ثانوي كان مطربي المفضل لدرجة اني في مرة لقيت لوحة ستيكي نوعا ما بيلزق عليها الورق من غير ما يتقطع لو اتشال علقتها ف الاوضة وعلقت عليها صورة مقصوصة ليه متشبهة بالعيال السيكي ميكي بتوع التمانينات اللي بيعلقوا بوسترات عملاقة في اوضهم، وحيث اني في السيكي ميكي ماعنديش خبرة اوي ف تقريبا بردو كنت معلقة والله علم صورة فنانة تانية اغلب الظن انها نجاة لاني كنت  بحب الاتنين اضافة لفريد الأطرش حتى اني من فرط حبي في نجاة كنت بقول ان ان شاء الله لما يبقى عندي بنت هيبقى اسمها نجاة بتعطيش الجيم، ومازلت على ان لوربنا رزقني ولد لازم يبقى اسمه فضل، وما علينا من قصة اولادي دول وان كنت من شوية كنت بشوف فيديو فيه حد بيقول ان احنا مايهمناش من الدنيا اكتر من ان اولادنا يبقوا احسن مننا فلقيتني بدمع اوي واقول اه والله وفي كل حاجة كمان، بتأثر لمس قلبي اوي وبعدين فجأة افتكرت اني ماعنديش اولاد !!!!!!!!!!
انا مابقتش فاضية لي والله، ولا فاضية للعبط اللي بيحصل معايا ده، آه انا بتوه جامد بس باقعد أدور عليا أكتر من ما أتحمل، يعني لو فيه قفل بمفتاح الواحد يحطه على تركيزة بس المصيبة لاشيل المفتاح ويضيع مني هو كمان 
أوف
طيب فضل في ثانوي كان مطربي المفضل، البنات صحابي بيحبوا ويصاحبوا و يسطُّوا وانا في اللا لا لاند مع مطربيني المفضلين ومذاكرتي وزميلاتي والدروس والحاجات اللي برة اطار الدنيا اضافة لمعاناتي المريرة في اني عايزة أتفرج على التليفزيون ومش عارفة عشان الدراسة وكده ومش عارفة اسمع الراديو براحتي ومش عارفة أقرأ جرايد كما يحلو لي ومش عارفة ماحسش باني انسان مرهون من أجل المذاكرة وبس 
وأظل أتذكر اني كنت فاكرة ان مقال انت سيد قرارك لصلاح منتصرهيطلع قصة عن واحد اسمه سيد قرارك زي سيد العاطفي كده وبيشرب سجاير، طبعا مش هنقف هنا كتير اوي عشان سرعان ما تكشفت لي حقيقة الموضوع وانه للأسف مقال غلس وفي غاية الغلاسة وياريته كان قصة زي ما كنت أظن في السنة اللي قبله
ننتقل لفضل شاكر اللي خذلني في الجامعة وقرر انه يعتزل بعد ما بقى عندي موبايل بعرف أجيب عليه أغانيه عن طريق البلوتو او باسمعه صدفة عن طريق الراديو، وهنا وقعت الكارثة طب انا استفدت ايه بقى!
وكأي فان أصيلة الراجل قال انا اعتزلت وبريء من ذنب اي حد هيسمع أغانيا ف انا قلت لأ انا بحبه ومش هسمع له حاجة وده حقه ومسحت اغانيه، و كنت لما اركب مواصلة ويشغلوه اغلوش على عقلي عشان ما اتهبلش واخل بالقرار احتراما لرغبته وهاكذا لحد ما جه الراجل ف يوم ورجع وقال انا ماقلتش ما تسمعوش اغانيا،  ف انا قلت اخس والشيطان قال لي قومي يا بت شغلي كل اغانيه خليه ياخد ذنب كل الحاجات وبصراحة وبعد اكتر من 10 سنين اقدر اقول اني بطلت اقول على اي حد "احم احم غير عبد الحليم" انه مطربي المفضل ويمكن خلال العشر
سنين دول لا فكرت ادور على اي حاجة لفضل شاكر حتى وكل ما اذكره ليه اني علقت في يوم صورة صغيرة من الجرنال ليه ووقعت بعدها بييجي شهر وماكنتش فاضية ألزقها تاني لأني كنت في امتحانات.


هذه الفتاة تمثلني 
بس بتقرأ اللي كاتباه 
مش اللي كاتبه صلاح منتصر

الأحد، 16 أكتوبر 2022

مايكروفون

 حكيت امبارح للأصدقاء عن المرة اللي طلبت فيها في آخر سنة من الأربعة في الجامعة اني اقول حاجة عن حد، واخدت المايك عرفت زمايلي بعلي قنديل وافتكر ان القصة دي حكيتها قبل كده كتيرهنا، واللي مش عارفها هجيب الكلام هنا بعد كام يوم كده
مش ده المهم 
المهم اني حلمت النهارده اني في الجامعة تاني، وطلبت لمايك تاني بس المرة دي عشان اغني، وانسجمت اوي حتى اني غمضت عيني عشان مايفلتش مني اللحن وماعرفش المطربين وهم صاحيين بيعملوا كده أصلا  ولا ده بس عشان انا في الأصل بحلم، وخلصت الكوبليه الأول وفتحت عيني لمحت رؤوس بتتطاول عشان تشوفني من المدرجات فسألت الدكتور سؤال مايسألهوش الشيخ حسني في فيلم الكيتكات، هو زمايلنا الصبيان موجودين ولا بنات بس فقالت لي لا موجودين فقلت لها لا خلاص كده مش هينفع ورجعت قعدت مكاني، حاولوا صديقاتي الأكثر قربا مني يثنوني عن القرار ويرجعوني اغني لكن أصريت وقد كان، كان حظي لطيف ، البنت الي جنبي صغيورة وامورة اوي تشبه الاطفال قالت لي في ودني انت عارفة.. فيه حاجات شبه اللي غنيتيها دي بنقول عنها عندنا كلثوميات، وخلص الحلم والابلة اللي في مدرستي القديمة  بتوعدني أني هيبقى لي اوقات معاها في فرقة الغنا
حلم من جوة الحلم
انا عايزة أغني في الأفراح الاسلامية أغاني مش إسلامية



 



الثلاثاء، 11 أكتوبر 2022

الوزارة

 صباح الفل يا اسياد الكل 
وأسياد هنا مش عشان نتوا عفاريت، انتوا عفاريت ده ما ننكروش بس ده ما ينفعش يبقى خطاب حكومي موجه ملتزم بالآداب العامة في الكلام، فقررت اقول لكم يا اسياد الكل على اساس ان ده الأسلوب المهذب يعني..ني ني نيني
بما ان الشتا داخل ف انا قررت ارشح نفسي وماستناش تذكية لمنصب وزير الكساء واسيب وزير الغذاء لماما 
لان الست هتبقى حريصة ان الكل يبات واكل وماحدش في زماناتها هينام من غير لا عشا ولا فطار وطبعا هيتغدا كويس جدا 
ونسيب لكل واحد انجازاته ومميزاته 
انا همسك هيئة الكساء او وزارته، وافضل اجيب جواكت للناس في الشتا وهدوم تقيلة وسراير وبطاطين ومراتب واضمن انهم كلهم دفيانين كده ونايمين ليل الشتا الطويل ده في هنا ودفا وعفا، والبيجامات امورة قطن وناعمة ومبهرة في الصيف عشان يبقوا مستورين ومرتاحين ومافيش حاجة كابسة على مراوحهم 
وأقول قولي هذا وأتمنى للكل على الكليلة حياة هنيئة في عهدي، بس وعهد الله ما تتقلبوا عليا وتشيلوني في أقرب تشكيل وزاري وتحطوا بعدي حد تني لان دي فكرتي ولو وقعت مش هقع لوحدي" تهديد كبارات" 

 

 



ريلز

 اخر كام شهر بقى يطلع لي ريلز على فيس بوك، منين ماعرفش بس اهي بتظهر والواحد لما بيكبر شوية بيستعبط في حق نفسه وبيحب يعيش دور اللي فايته قطر التكنولوجيا وبيحب يرتاح لفكرة انه مش متابع اريح من فكرة انه يفضل يطلع ترابتتاتيت شكله في معرفة حاجات مش هتنفع أكتر من اشباع الفضول وبس  

كتير أوي بيطلع لي فيديوهات من الكعبة، زي الاطلالات الأولى للناس عليها واول ما يشوفوها احس احساسهم وتتملي عيوني بالدموع كأني أنا اللي هناك وبملي عيوني بجمالها، وكل مرة واقول يا ترى هم بيعملوا ايه دلوقتي !

ومن اهم الريلز اللي بتطلع لي دلوقتي قرآن بصوت محمد صديق المنشاوي وصوت حسن صالح وتسجيلات قصيرة منعشة لمصطفى حسني، والتريكاية اللي تخلي الحاجات دي تكتر معاكم وتشوفوها دايما هو اتمام مشاهدتها للآخر والشير " اونلي مي حتى" زي ما باعمل، فهتلاقيه بيرص لك كل الحاجات اللي مهتم بيها ورا بعض، انا بصراحة مبسوطة جدا للفكرة دي، وخصوصا اني اكتشفت حبي للمنشاوي، واللي لا يقل عن حبي للشعشاعي كتير، سواء عبد الفتاح او ابن اخوه ابراهيم، وكل ما يطلع لي حسن صالح ازداد شجنا واعجابا، وتحل ف بالي كل الذكريات

حسن صالح

  له من الملامح وخصوصا حركة الفك عند القراءة شطر كبير جدا من شبه الجميل بابا، وبابا بيحبه جدا، وبيقرأ قرآن أكاد أجزم ان ماكانش زيه فهو بيقرأ من مدرسة صوتها أحلى، لكن حركة الفك ونبرة الصوت اللي ساعات بتلمس معاه بتخليني بلف حوالين نفسي، اللي هو مجبرة احبه لانه حبيب الحبيب وف نفس الوقت صوته بيبكيني

وافتكر للأسف في العزاء، و الأسف في اني هتكلم عن العزاء كأنه شيء عادي وبيحصل مش حاجة موجعة مرتبطة بالفراق
" إنا لله وإنا إليه راجعون"
لكن لله الأمر ووجب استكمال الاستطراد وذكر وتجاوز الآلام اني أحكي اني وف وسط ما انا ضاربة كل اللي بيحصل ومش قادرة اتجاوزه طبنجة لانه هيحصل غصب عني مهما فكرت، سواء قبلت او رفضت، ف اعديها وخلاص، واهي ايام وهتعدي على وشي وربنا يعديها على خير الا ان في العزاء وقفت وقلت حسن صالح مش هيشتغل بصوته اي حاجة.. مش بس عشان كل الاحاسيس والأفكار دي بس، لكن كمان عشان شوية الخشوع المبكيين جدا في صوته دول كانوا هيشرّحوا مشاعرنا واحنا في أمس الحاجة للثبات


 

 

  

السبت، 8 أكتوبر 2022

Fo St An


البرودة أخيرا لمست أناملي، وزيادة في الانبساط صحيت سقعانة
 مش عارفة مالي 
فيه احاسيس ملخبطة مكلبشة فيا، لا عارفة تروح ولا عارفة أحددها، لكن اللي عارفة أعمله اني استثني كل المشاعر اللي لها أسماء من الأحاسيس دي ف تبان فضاء واسع عملاق، لكن في الأصل هي أعداد مهولة من المشاعر المنقوصة، وما نقصانها الا حيلة وجدانية دفاعية عشان ماحكمش على نفسي باكتمالها فاقول اني غرقانة فيها
ياللا 
اخبار قصار
"1"
من اقل من اسبوع  جالي فستان هدية لعيد ميلادي، هدية متأخرة بس جميلة، فستان قصير يادوبك بيغطي الركبة، فستان من اللي بيخلوا البنات بنات، كل يوم بروَّح مخصوص عشان البس الفستان، خاص بعد ما  زدت اقتناعا اني كل هدومي للبيت لازما ولا بد تبقى فساتين، صحيح انا جبت حبة بيجامات قمرات من اللي البنات بيخرجوا بيهم استشياكا، احداهن عليها الغزالة الرايقة وأخرى تشبه  اللافندر وأخريات حلوات زي الشربات حلوين مش عارف ليه قولوا هيه ..هيه هيه هيه .. بس بردو صيفا الانسان ما يجراش حاجة لما يلبس فساتين وفستانات، وخلاص بشكل جاد قررت انتهج منهج خاص بيا واودي فستاني القمر للست الخياطة واخليها تتلبس روح الست بوشكى الخياطة واخليها تفصل لي  أسطول فساتين أسطورية تشبه فساتين الحوريات البحريات، وده لأن فستاني القمر كان آخر الفساتين المحترمين في محل الهدوم اللطيف الجميل وتصبح فساتيني كلها من ألوان بحبها ومابحبهاش الى مالانهاية فستان..  هو صحيح اللافندر             اسمه ال لا فندر ليه.. لا  ليه؟


"2"
فيه واحدة قالت لي ان ربنا عادل، وان مش من المنطقي انها كانت تكمل بقية حياتها سعيدة مع ناس كويسين بعد ما عاشت ونشأت وسط عائلة محترمة وسعيدة ف وسطهم، اعتقد ان الفكرة دي فيها قلة ادب  كبيرة مع النفس اكتر بكتير من ما للواحد انه يتخيل، واه ده تفكير سلبي يائس جدا، الحالة الوحيدة اللي تخلي الواحد يخاف من المستقبل انه يكون خايف من الديون المتوعدة  " كما تدين تدان" وانه اقترف سوء وخايف يرد اليه ، وغير كده ده اتهام لربنا بالظلم لانه ليه، ليه تتوقع السوء وكأن ربنا جايبنا للدنيا بس عشان ناخد قدر اجباري من الحزن، قدر من معكرات الصفو، ومن الألم النص بالنص مع ان مافيش حاجة حطت الميزان ده، لا دين ولا عقل ولا منطق.. ثم ان مهما بتكون سعادتك فيه آلام بتتخللها، مافيش سعادة بيور والشاطر هو اللي يخلي القدر البسيط من السعادة  سوبر، ويخلي القليل بحور بمنتهى الايجابية، واللي هيدور على الحزن هيلاقيه واللي هيستناه هيسارع الحزن اليه ..ف بلاش أفكار عبيطة بقى
"3"
دايما بيخطر ع بالي صورة ذهنية ليا وانا فوق الجبل العالي عم صرخ بأعلى صوت، لحد ما طلع شحنات الزعل المدفونة من سنين السنين، بس شو، مافي جبال هون، مو بس هيك، وكمان الوقت ياللي بيطلع معي لحين ما اوصل للجبال كافية تخليني برواق، السفرة ذاتها هتحسن مودي وتخليني ما احتاج لصريخ، ف بلاها البك حالي وافهم انه ما بدي شي غير انه اسافر
👗








الاثنين، 3 أكتوبر 2022

اكتفاء ذاتي

 لا أخفيكم سري، لم أعد أثق في شيء، أي شيء وانا هنا لا أقصد القيم لأنها رواسخ تتكون فوقها الاف الثقات فتثبت في محلها ثبوت القدم، ثبوت الزمان، ثبوت التاريخ، لكني أقصد الثقة الشفافة في الناس، في نفسي كأحد هاؤلاء الناس، وربما لا أستخدم أبدا لفظة الناس إلا وأنا أقصدني معهم ليقيني الدائم بأنني لن أصبح أبدا مركزا للكون لأستثنيني من شيء، وربما يكلفني انعدام الثقة هذا كل ما يُصخب الحياة ويجعلها أكثر مزاحمة للناس، ذلك القرب الحميمي الهيئة الذي تفرضه عليك الظروف وانت على يقين بأنه خاوي  الروح ولا دفء فيه ولا نبض، وربما أعانني على الاستمتاع بعزلة متفردة أغرق بها في الخيلات لأنهل من فنوني وفنون الآخرين، أقرأ وأرسم، وأكتب، أحيا حياتي وتحياني أيضا، أشاركني الأشياء، أخذلني و أطيب خاطري، واخاصمني، وأعود إليّ، أعاتبني، أهاديني، وأقتسم معي الضحك والبكاء، أطفو فوق الكون فيحملني على جناحه، يزداد العالم من حولي وحشة، وأزداد أُنسا بصحبتي.

إلا ان جذوري تنساب غوصا ناعما في الأرض حين ألاطف الأطفال أو يلاطفونني، يخافون علي، ويطمئنون لصحبتي، وينامون على كتفي، حين لا يفكرون قبل مصارحتي قولا وفعلا بالحب، حين يصافحونني، ويتمسكون بكفي، يكفيني ذاك الطفل الجميل الذي يشبه أخي في صغره، والذي صعد إلى
جواري في العربة تاركا امه ليجلس بجانبي وظل ممسكا يدي وحين حملته أمه لتجلسه في مقعد بعيد عني ظل يصرخ الى أن غيرت مقعدي واقتربت منهم فأخبرته امه انني اقتربت فاطمأن ونام.

أو ذاك الصغير ابن الاربعة أشهر الذي أرهق أمه بكاءا، وحين ضممته لصدري هدأ فنام.

او اليمامتان اللاتي عششن على شباك مكتبنا، فيحنو علي  الزمان بربتة حين أراهم يلهون فرحا بالطعام، بالحب، وبرجعة الأب  هذه المعجزات الصغيرة، المشاهد القصيرة المتباعدة التي تحدث، هي التي تشعرني ولو قليلا باللطف، فأكتفي منها لنفسي بهذا الأمان.