لا أخفيكم سري، لم أعد أثق في شيء، أي شيء وانا هنا لا أقصد القيم لأنها رواسخ تتكون فوقها الاف الثقات فتثبت في محلها ثبوت القدم، ثبوت الزمان، ثبوت التاريخ، لكني أقصد الثقة الشفافة في الناس، في نفسي كأحد هاؤلاء الناس، وربما لا أستخدم أبدا لفظة الناس إلا وأنا أقصدني معهم ليقيني الدائم بأنني لن أصبح أبدا مركزا للكون لأستثنيني من شيء، وربما يكلفني انعدام الثقة هذا كل ما يُصخب الحياة ويجعلها أكثر مزاحمة للناس، ذلك القرب الحميمي الهيئة الذي تفرضه عليك الظروف وانت على يقين بأنه خاوي الروح ولا دفء فيه ولا نبض، وربما أعانني على الاستمتاع بعزلة متفردة أغرق بها في الخيلات لأنهل من فنوني وفنون الآخرين، أقرأ وأرسم، وأكتب، أحيا حياتي وتحياني أيضا، أشاركني الأشياء، أخذلني و أطيب خاطري، واخاصمني، وأعود إليّ، أعاتبني، أهاديني، وأقتسم معي الضحك والبكاء، أطفو فوق الكون فيحملني على جناحه، يزداد العالم من حولي وحشة، وأزداد أُنسا بصحبتي.إلا ان جذوري تنساب غوصا ناعما في الأرض حين ألاطف الأطفال أو يلاطفونني، يخافون علي، ويطمئنون لصحبتي، وينامون على كتفي، حين لا يفكرون قبل مصارحتي قولا وفعلا بالحب، حين يصافحونني، ويتمسكون بكفي، يكفيني ذاك الطفل الجميل الذي يشبه أخي في صغره، والذي صعد إلى
جواري في العربة تاركا امه ليجلس بجانبي وظل ممسكا يدي وحين حملته أمه لتجلسه في مقعد بعيد عني ظل يصرخ الى أن غيرت مقعدي واقتربت منهم فأخبرته امه انني اقتربت فاطمأن ونام.أو ذاك الصغير ابن الاربعة أشهر الذي أرهق أمه بكاءا، وحين ضممته لصدري هدأ فنام.او اليمامتان اللاتي عششن على شباك مكتبنا، فيحنو علي الزمان بربتة حين أراهم يلهون فرحا بالطعام، بالحب، وبرجعة الأب هذه المعجزات الصغيرة، المشاهد القصيرة المتباعدة التي تحدث، هي التي تشعرني ولو قليلا باللطف، فأكتفي منها لنفسي بهذا الأمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق