اليوم عطلتنا عن الذكرى
وعطلة كل شيء
إنه يوم الأحد
أودع بابا في يوم الأحد، 1/ أغسطس...يوم كهذا وتاريخ كبعد الغد
وها هي ذكرى ثانية تطرق بوابة أحزاني
أتذكر يوم العمل الأول بعد ما حدث، عدت محملة بالاستسلام أحمل في صدري رغبة في أن أقاوم بالغناء، مددت يدي لذاكرتي وحملت أغنية كنت قد سمعتها مع بابا من قبل، قال عنها يوما ما إن المطربة تغنيها لوالدها فصارت عندي أغنية عن الأب، لا أتمالك نفسي أبدا حين أغنيها لنفسي، وأنفطر بكاء، ككل الأغنيات الموجهة للأحباب، أطويهم وأخفيهم في درج عتيق من أدراج الذاكرة، وأمر من حولهم، كي أنساهم... إلا أنني أخرجتهم تباعا، لأتذكر انني ذات يوم قلقت على بابا من صوته فحاول طمأنتي بأنه بخير، وبحيلة مراوغة أخبرني أنه يستطيع أن يغني لي دورا من "أغنية لسيد درويش" يغنيها ابراهيم الحجار في نفس واحد في هروب منه من اصراري على ان صوته يدل على أن به مكروه، يغني لي بابا الدور وأنسجم مع صوته وأنسى مخاوفي، وأنسى اسم الأغنية بعدها
ثم يتغير صوته بعدها بأيام لإخبره بأنه مريض، فيؤكد أن لا فأسأله أن يغني لي "أنا هويت" في نفس واحد فيغنيها لي... ثم أسأل نفسي هل غنى لي مسبقا "انا هويت" أو شيئا آخر لا أتذكره!
أبحث في أغنيات سيد درويش لأجد مصادفة "والله تستاهل يا قلبي" تعجبني، وتؤلمني كذلك حين يقول:
أعمل ايه واحنا فى غربة
والأغراب دول زي يتامى
مين يواسيهم فى كربه
ياما بيقاسوا وياما
يا رب كل من له حبيب
وطال بعاده وللا قريب
ما تحرموش منه
وهاته له بالسلامة
تسقط الكلمات في قلبي مرتين، مرة وأنا أخشى أن تؤلم فؤاد بابا لأنه في غربة
والأخرى لأن اليتم وَحش مخيف لطالما هربت من ذكر اسمه في الصغر،
أغمض عيني كي لا يراني، وأختبئ خلفه كي لا أراه، حتى صرت أمرره كلمة من معجمي، وأستبدله بالأوصاف كي لا أضطر أن أنطقه على لساني، كي لا يكتشف طريقي، فيزورني
أخفي الأغنية بالكامل فأضعها في درج ذاكرتي
وأدعو في صمت بعودة كل أحبابي، موقنة بأن الوطن غربة من دون الأحباب، لذلك،
أنا التي ف الغربة
أخرجهم تباعا لأغنيهم معا
أعمل ايه واحنا في غربة
والأغراب دول زي يتامى
أقف مطولا
متسائلة، هل يقصد أن الأغراب مثل اليتامى، أم أنهم يتامى مثلي؟!
لا يهم.. فالكلمات صارت تشبهني الآن بكل معنى
أتذكر الأحد الذي حل قبل ثلاثاء ذكرى مولدي، فجعلني من الأيتام مباغتة
وجعل "الأغراب دول زيي يتامى"،
أغني حد البكاء، وأتنقل بين الأغنيات مفوتة أغنية "موطني" المخبأة بعناية بينهم
لعلني أنشغل... لعلني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق